16 شوال 1445

رئيس التحرير محمد فرعون

24 أبريل 2024

أسرار ما وراء الطبيعة

: رئيس التحرير: محمد فرعون
: :
نجوم الفن

لوحة”حديقة الملذات”تجسد أفعال البشر على الأرض

لوحدة حديقة الملذات
لوحدة حديقة الملذات

رغم التفاوت النسبي والهائل الموجود بين الفكر الديني و الجماعات البشرية، ما بين قبول أو رفض أو إختلاف في الرأي الذي يتداخل فيه الكثير من العوامل، إلا أننا نرى التراث الديني يتصدر المشهد على مر الأزمان، كموضوع خصل للخيال الفني في شتى ألوانه، سواء كان من خلال نصوص أدبية أو أعمال تشكيلية؛ أو جدارية من آثار الأقدمين. بينما إرتحل بنا (أبي العلاء المعري) في رسالة الغفران من الجنة للنار وألقي بنا (دانتي) في جحيمه أولاً، ليعرض علينا طريق التوبة ثم إلى جنة الفردوس؛ على درب من سبقوه قام الفنان الهولندي "هيرونيموس بوش – Hieronymus Bosch" برسم لوحته الرائعة (The garden of earthly delights)؛ أو حديقة الملذات الدنيوية وعاد بنا لقصة الخلق الشهيرة، ثم الحياة في أبهي صورها، ثم إلي فسادها وخرابها بأفعال البشر. واجه المؤرخون صعوبة في تحديد الوقت الفعلي الذي رسم فيه (بوش) هذا العمل، خاصة وأنه لم يكتب تواريخ أعماله، حتى أن تاريخ ميلاده غير معروف، ولكن أقرب الظنون أنه ولد في العام "1450". بتواريخ تقريبية بناء على فترة حياته، وعلى افترض أنه بدأ برسم هذا العمل في العام" 1490" حينما كان يناهز من العمر "40" عامًا، وانتهي منه في الفترة ما بين “1510-1515” كانت أول مشاهدة لهذا العمل في العام" 1517" بعد عام من وفاة (بوش)، حيث شاهدها المؤرخ الإيطالي (Antonio De Beatis) في قصر أحد النبلاء السياسيين ببروكسل، والذي جعل من قصره مركزًا للقاءات الدبلوماسية الهامة، لهذا فمن الممكن أن (بوش) قام برسمها بناء على طلب خاص منه، ولكن من الأفضل أن توضع بمكان للتعبد وذلك لجرأتها، حتى وإن احتوت على رسالة دينية أو اخلاقية. نظرة عامة على حديقة الملذات الدنيوية: هذه الثلاثية واحدة من أهم وأكثر الأعمال الفنية شهرة، وأيضا غموض في نهضة القرن السادس عشر، والتي تؤكد على دلالات دينية مسيحية، ذات منظور أخلاقي خاص، وغريب إلي حد ما وبحسب رأي الناقد (Alastair Sooke) فهي رؤية معبرة عن الخطيئة والفضيلة، يظهر الشيطان بين تفاصيلها. فهي تتجزأ لثلاث قطع مفصلية متجاورات، قام (بوش) بملئها بالعديد من الشخوص السريالية، والكائنات الخيالية الغريبة، والتي تعكس رؤيته الخاصة لهذا العالم. إذا بدأنا النظر من أقصى اليسار، حيث القطعة الأولى صورت مشهد خلاب لبداية الخلق، وإذا انتهينا لأقصى اليمين فسنتفاجأ بمشهد مؤلم للجحيم، وما بين البداية والنهاية تصور القطعة الأم العبث الدنيوي، أو حديقة الملذات الدنيوية، ولذلك سمي بها هذا العمل. وفي حال أغلقنا اللوحتين المنفصلتين اليمنى واليسرى، تكونت لنا لوحة تعكس لنا الأرض في اليوم الثالث من الخلق؛ حيث لم يكن من حيوان أو إنسان.. فقط النباتات، وفي إشارة للآية بالكتاب المقدس «فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ». ونلاحظ في تلك اللوحة الافتتاحية للعمل الداخلي أنها تم رسمها بلون واحد، فيما يعرف بتقنية الـ(Monochrome)، بحيث ألا تكون كثرة الألوان بها ملفته عن العمل الداخلي.

لوحة حديقة الملذات فن مرعب